اهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"

الحكومة العراقية ما بين ترقيع الحال وتركيع الرجال

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم: الدكتور عبد القادر بشير-

كركوك
في ظل التداعيات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية الخطيرة، وتحت طائلة الضغوطات الإقليمية والعالمية، لتمرير بعض الصفقات المشبوه، وغير الوطنية؛ عقد البرلمان العراقي في (دورته الرابعة) اجتماعه الأول، يوم 3 أيلول 2018؛ المخيب للآمال، الذي كان بمثابة إطلاق (رصاصة الرحمة) على ما بقي من العملية السياسية المتهالكة؛ ليضيفوا إلى فشلهم حلقة جديدة خطيرة، وذلك بعودتهم إلى الاصطفافات الطائفية، والمحاصصات والتوافقات السياسية؛ لإذكاء نار الصراعات الداخلية، من خلال خطاباتهم التحريضية، واللجوء إلى التسقيطات السياسية بين الاحزاب والكتل السياسية؛ تارة بالاحتيال السياسي، وأخرى بالقفز من كتلة إلى أخرى، ناقضين حرمة القسم الذي أدوه تحت قبلة البرلمان. وجعل الاجتماع الأول مفتوحاً وغير سري، وعدم تمكنهم بالإجماع على تسمية رئيس البرلمان ونائبيه، وبيان ضعف أدائهم السياسي في الوصول إلى نسج حبال الكتلة الأكبر، التي منها سيكون رئيس الحكومة العراقية المقبلة. وبرروا هذا العجز بمخاطبتهم المحكمة الاتحادية، لبيان من هم الكتلة النيابية الأكبر، علما أن المحكمة الاتحادية ليست جهة تشريعية؛ لسن قانون ملزم بهذا الصدد!
هنا يبرز مشكلة ساستنا في الاتصال والتواصل غير الفعال للأسف؛ لأنهم يسمعون كي يردوا، لا لكي يفهموا ويتدبروا؛ لتشكل هذه الأزمة بدايات خطيرة، ومعطيات سياسية غير سليمة؛ ما فسح المجال لنمو الفساد، حتى صار واجهة أكثر المشاهد في مفاصل الحكومات العراقية المتعاقبة.
لو رجعنا قليلا الى الوراء، سنرى ذات السيناريو، وبعنف أكبر؛ يتكرر مع دولة السيد العبادي، الذي سبقه إلى ذلك السيد المالكي، حينما أعطي مهلة المائة يوم، ليطهر حكومته من الفساد والمفسدين، ويعود الوطن الجريح معافى ديمقراطياً، ويكون العراق دولة مؤسسات وسلطة قانون؛ بقضاء حر مستقل نزيه.
صفة هذا العنف الأكبر؛ استخدام القوات الأمنية البصرية، القوة المفرطة ضد أبناء الشعب البصري العزل؛ ما ادى إلى سقوط شهداء وجرحى بين صفوف المتظاهرين والمعتصمين، حتى صار فساد الحكومة يغذي الغضب المتزايد، ويستشيط الشعب غضباً فوق غضبه العارم. وكان هذا الفعل المشين خطأ إنسانياً جسيماً، زاد من تفاقم الأزمة؛ فأشعل مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة على الساسة العراقيين. وبلغ الوضع السياسي العام درجة من التوتر، لم يشهدها العراق سابقاً، مع وجود قوى تملك السلاح.
فهذا التعاقب المقهقر، والتراجع والانتكاس السياسي المزلزل؛ هو سياسة احتواء ومكر سياسي لترقيع الحال، وتركيع الرجال أصحاب المبادئ والقيم الإنسانية العالية؛ حتى بينوا للعالم انهم آفة وبلاء وانحراف ومرض ومصيبة، بل هم الأزمة بعينها. فأزمة العراق أخلاقية، وسياسيوه بلا حياء في كل ما يفعلونه، حتى أدخلوا البلاد والعباد في مأزق سياسي ودستوري خطير، عندما تعمدوا خرق الدستور الذي كتبوه، ووافقوا على مواده.
من عاداتي؛ خلال كتابة مقال، أن أكثر من مشاهدة القنوات الفضائية، كي أضيف الجديد. ومن تلك القنوات الفضائية (الشرقية نيوز)، في برنامج (العالم في صور)، الذي عرض مؤخراً؛ لقطات تظهر براءة اختراع، ومن المملكة المتحدة عرض سباق ومهرجان رياضي للدراجات الأفقية، ومن قلب فرنسا النابض بالجمال والسحر تظهر جوانب من السياحة وسحر الأماكن فختم البرنامج بعنوان من العراق وهو (البصرة على صفيح من نار)! تصوروا وقع المشهد، وما يترتب عليه من انفعالات قد تحرق اليابس والأخضر.
على العقلاء من أصحاب العقول الرشيدة، القيام بترتيب المشهد السياسي على وجه الدقة والسرعة، قبل أن تنفلت الأمور. والسعي الدؤوب لحسم التفاهمات السياسية؛ لتشكيل حكومة قوية قادرة على تحقيق طموحات ومطالب الشعب، بتوفير الخدمات، وتطوير الاقتصاد الوطني؛ بما يعود بالنفع العام على البلاد والعباد، بعيداً عن الحلول الترقيعية. ووأد الأجندات الخارجية التي ستعقد الأوضاع الداخلية، وتساهم في نشر الفوضى فيه. فإذا نهض الشعب كما يفعلون الآن، وبصدور عارية، ستنتهي اللعبة السياسية برمتها، وستكون الأيام المقبلة حاسمة لا محال.
———————-
دكتوراه صحافة
عضو عامل في نقابة الصحفيين العالمية
رئيس تحرير مجلة الصواب المستقلة
كركوك / العراق

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏أشخاص يجلسون‏‏‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى